قال تعالى " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)" في هذه الآية الكريمة بين الله تعالى مصارف الزكاة وأهلها المستحقين لها بمقتضى علمه وحكمته وعدله ورحمته وحصرها في هؤلاء الأصناف الثمانية وبين أن صرفها فيهم فريضة لازمة ، وأن هذه القسمة صادرة من علم الله وحكمته ، فلا يجوز تعديها وصرف الزكاة في غيرها ، لأن الله تعالى أعلم بمصالح خلقه وأحكم في وضع الشيء في موضعه " وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) " .
فالصنف الأول والثاني
الفقراء والمساكين وهم الذين لا يجدون كفايتهم وكفاية عائلتهم لا من نقود حاضرة ولا من رواتب ثابته ، ولا من صناعة قائمة ولا من غلة كافية ولا من نفقات على غيرهم واجبة ، فهم في حاجة إلى مواساة ومعونه .
قال العلماء رحمهم الله : فيعطون من الزكاة ما يكفيهم وعائلتهم لمدة سنة كاملة حتى يأتي حول الزكاة مرة ثانية ويعطى الفقير لزواج يحتاج إليه ما يكفي لزواجه وطالب العلم الفقير لشراء كتب يحتاجها ويعطى من له راتب لا يكفيه وعائلته من الزكاة ما يكمل كفايتهم لأنه ذو حاجة ، وأما من كان له كفاية فلا يجوز إعطاؤه من الزكاة وإن سألها بل الواجب نصحه وتحذيره من سؤال ما لا يحل له فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم (( لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله عز وجل وليس في وجهه مزغة لحم )) رواه البخاري ومسلم .
الصنف الثالث
العاملون عليها وهم الذين ينصبهم ولاة الأمور لجباية الزكاة من أهلها وحفظها وتصريفها فيعطون منها بقدر عملهم وإن كانوا أغنياء وأما الوكلاء لفرد من الناس في توزيع زكاته فليسوا من العاملين عليها فلا يستحقون منها شيئاً من أجل وكالتهم فيها لكن إن تبرعوا في تفريقها على أهلها بأمانة واجتهاد كانوا شركاء في أجرها لما روى البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ – أو قال : يعطي – ما أمر كاملاً موقرا طيبا به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر به ، أحد المتصدقين )) وإن لم يتبرعوا بتفريقها أعطاهم صاحب المال من ماله لا من الزكاة .
الصنف الرابع
المؤلفة قلوبهم وهم ضعفاء الإيمان أو من يخشى شرهم فيعطون من الزكاة ما يكون به تقوية إيمانهم أو دفع شرهم إذا لم يدفع إلا بإعطائهم .
الصنف الخامس
الرقاب وهم الأرقاء المكاتبون الذين اشتروا أنفسهم من أسيادهم فيعطون من الزكاة ما يوفون به أسيادهم ليحرروا بذلك أنفسهم ويجوز أن يشتري عبد فيعتق وأن يفك بها مسلم من الأسر .
الصنف السادس
الغارمون الذين يتحملون غرامة وهي نوعان :
1- من تحمل حمالة لإصلاح ذات البين وإطفاء الفتنة فيعطى من الزكاة بقدر حمالته تشجيعا له على هذا العمل النبيل الذي به تأليف المسلمين وإصلاح ذات بينهم وإطفاء الفتنة .
2- من تحمل حمالة في ذمته لنفسه وليس عنده وفاء فيعطى من الزكاة ما يوفى به دينه وأن كثر أو يوفى طالبه وإن لم يسلم للمطلوب .
الصنف السابع
في سبيل الله وهو الجهاد في سبيل الله : الذي يقصد به أن تكون كلمة الله هي العليا لا لحمية ولا لعصبه فيعطى المجاهد بهذه النية ما يكفيه لجهاده من الزكاة أو يشتري بها سلاح وعتاد للمجاهدين في سبيل الله لحماية الإسلام والذود عنه وإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى .
الصنف الثامن
ابن السبيل وهو المسافر الذي انقطع به السفر ونفد ما في يده فيعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده وإن كان غنياً فيها ووجد من يقرضه لكن لا يجوز أن يستصحب معه نفقة قليلة لأجل أن يأخذ من الزكاة إذا نفدت لأنها حيلة على أخذ ما لا يستحق .
· ولا تدفع الزكاة لكافر
· ولا تدفع الزكاة في اسقاط واجب سواها فلا تدفع للضيف بدلا من ضيافته ولا لمن تجب نفقته من زوجة أو قريب بدلا من نفقتهما ولا يجوز دفعها للزوجة أو القريب فيما سوى النفقة الواجبة ، فيجوز أن يقضي بها دينا عن زوجته لا تستطيع وفاءه وأن يقضي بها عن والديه أو أحد من أقاربه ديناً لا يستطيع وفاءه
· ويجوز أن يدفع الزكاة لأقاربه في سداد نفقتهم إذا لم تكون واجبة عليه لكون ماله لا يتحمل الإنفاق عليهم أو نحو ذلك
· ويجوز دفع الزوجة زكاتها لزوجها في قضاء دين عليه ونحوه ، وذلك لأن الله سبحانه علق استحقاق الزكاة بأوصاف عامة تشمل من ذكرنا وغيرهم فمن اتصف بها كان مستحقاً وعلى هذا فلا يخرج أحد منها إلا بنص أو اجماع .
** فالزكاة لا تجزئ ولا تقبل حتى توضع في المحل الذي وضعها الله فيه ، فاجتهدوا رحمكم الله فيها ، واحرصوا على أن تقع موقعها وتحل محلها لتبرئوا ذممكم وتطهروا أموالكم وتنفذوا أمر ربكم .